عنترة بن شداد بن قراد العبسي

اسمه
هو عنترة بن شداد بن قراد العبسي، أحد أشهر شعراء العرب في فترة ما قبل الإسلام، وهو أشهر فرسان العرب، وشاعر المعلقات والمعروف بشعره الجميل وغزله العفيف بعبلة.
ومعنى كلمة "العنترة": الشجاعة في الحرب، وكان الأقدمون لا يعرفون بأيهما كان يدعى: عنتر أم عنترة! واختلفوا أيضًا في كونه اسمًا له أو لقبًا! وقد درج بعض الرواة على تسمية عنترة باسم عنتر أحيانًا.
مولده ونشأته
ولد عنترة في الجزيرة العربية عام 525م. كانت أمه أميرة حبشية اسمها "زبيبة"، أُسرت في هجمة على قافلتها. وكان لعنترة إخوة عبيد من أمه هم "جرير" و"شيبوب". وكان هو أيضًا عبدًا لأن العرب لم يعترفوا ببني الإماء إلا إذا امتازوا على أقرانهم ببطولة أو شاعرية أو غير ذلك.
حياته في العبودية
ذاق عنترة مرارة الحرمان وشظف العيش ومهانة الدار، لأن أباه لم يستلحقه بنسبه، فقد كان أبوه هو سيده، يعاقبه أشد العقاب على ما يقترفه من هنات. لم يُعتق من عبوديته إلا عندما أغارت قبيلة طيء على عبس، فاشترك في القتال مدافعًا لا مهاجمًا، وسبب ذلك ما روي أنه شارك من قبل في غزو طيء، ولكنهم بخسوه حقه في الغنائم، إذ فرضوا له نصيب العبد وهو النصف، وهذا ما جعله يتقاعس عن الخوض في المعركة. واشتد القتال حتى كادت عبس تُهزم، وحينئذ صاح أبوه قائلاً: "كُرّ ياعنترة!"، فأجاب عنترة على النداء: "لا يُحسن العبد الكرّ ". وفي تلك اللحظة لم يجد أبوه بدلاً من أن يمنحه اعتباره فصاح به: "كُرّ وأنت حر". فكرّ عنترة وراح يهاجم بعد أن نال اعترفا بالعَتق من عبوديته.
عنترة وعبلة وحب أسطوري
أحبّ عنترة ابنة عمه عبلة بنت مالك، أعظم الحب وأشده، وكانت من أجمل نساء قومها وأبعدهم صيتًا، في اكتمال العقل ونضرة الصبا. وتقدم عنترة إلى عمه مالك يخطب ابنته عبلة، ولكنه رفض أن يزوج ابنته من رجل أسود. ويقال: إنه طلب منه ألف ناقة من نوق النعمان المعروفة بالعصافير، مهرًا لإبنته تعجيزًا له، ويقال: إن عنترة خرج في طلب عصافير النعمان حتى يظفر بعبلة، وإنه لقي في سبيلها أهوالاً جسام، ووقع في الأسْر، ثم تحقق حُلمه في النهاية وعاد إلى قبيلته ومعه مهر عبلة ألفًا من عصافير الملك النعمان. ولكن عمه عاد يماطله، وفكر في أن يتخلص منه، فعرض ابنته على فرسان القبائل على أن يكون المهر رأس عنترة! وقد سكتت المصادر العربية عن ذكر عبلة إلا في مجال تشبث عنترة بها وحبه لها، فلم تنوِّه عما إذا كان قد تزوج بها، أم بقي حبه معلقًا وتبتّل في حبها!
وهكذا أُسدل الستار على قصة فارس الحرب والشعر، الذي عانى مرارة العبودية وامتهانها لكرامته وتقليلها من شأنه، فراح يترقب صروف الزمان، حتى يقتنص حريته اقتناصا ممن أهانوه وازدروا به.
لكن للحرية طريق آخر! طريق سلكه "عيسى المسيح كلمة الله الأزلي" الذي أخلى نفسه آخذا صورة عبد صائرا في شبه الناس لكي يعتقنا من عبودية الخطيئة. عاش بيننا واختبر الألم مثلنا، لكن دون أن تقوى عليه خطيئة أو يستعبده إثم، حتى ببره وقداسته المطلقة يحل قيود وربط الشر من على كاهلنا، فنصير أحرارا بالحق وننضم للملكوت السماوي الذي لا يميِّزُ بين حر وعبد، إذ بعيسى المسيح كلمة الله الأزلي صار كل الذين آمنوا به أحرارا.