جبران خليل جبران

نشْأَتُهُ في لبنان
جبران خليل جبران هو شاعر وكاتب ورسّام لُبنانيّ عربيّ مِن أُدباء وشُعراء المهجر. وُلِدَ عام 1883م في بلدة بشرّي شمال لبنان. كانت أسرته فقيرة بسبب كسل والده وانصرافه إلى السّكر والقمار، لذلك لم يستطع الذّهاب للمدرسة فكان كاهن القرية الأب جرمانوس يأتي لمنزل جبران ويعلّمه الإنجيل والعربيّة والسّريانيّة. ثم تعلّم مبادئ القراءة والكتابة من الطّبيب الشّاعر سليم الضاهر مِمّا فتح أمامه مجال المُطالعة والتّعرّف إلى التّاريخ والعلوم والآداب. في سنة 1891م تقريبًا، سُجن والده بتهمة اختلاس، فقرّرت والدته الهجرة مع أخيها إلى الولايات المتّحدة الأميركيّة مُصطحبةً معها جبران وأختيه، ماريانا وسلطانة، وأخيه بطرس.

بين لبنان والمهجر
سكنت عائلة جبران في بوسطن وهناك بدأت أمه العمل كخيّاطة متجوّلة، كما فتح أخوه بطرس متجرًا صغيرًا. أمّا جبران، فبدأ بالذّهاب للمدرسة عام 1895م، ثمّ التحق أيضًا بمدرسة فُنون قريبة من منزلهم. ونمت مواهبه الفنيّة، واستُخدمت رسومات جبران لأغلفة الكتب الّتي نشرتها دار " كويلا اند داي".
في عمر الخامسة عشر، عاد جبران مع عائلته إلى بيروت ودرس في مدرسة إعداديّة مارونيّة ومعهد تعليم عالٍ يُدعى الحكمة. بدأ مجلةّ أدبيّة طلابيّة مع زميل له في الدّراسة، ثم انْتُخِب شاعر الكلّيّة. كان يقضي العطلة الصّيفيّة في بلدته بشرّي، ولكنّه نفر من والده الّذي تجاهل مواهبه، فأقام مع ابن عمّه نقولا.
وجد جبران عزاءه في الطّبيعة وصداقةِ أستاذ طفولته سليم الضاهر. ومن علاقة الحبّ بينه وبين حلا الضاهر استوحى منها قصّته (الأجنحة المُتَكَسِّرة) بعد عشر سنوات. بقي في بيروت سنوات عدّة قبل أن يعود إلى بوسطن عام 1902م.
قبل عودته بأسبوعين، توفيت أخته سلطانة بالسِّلّ، وبعد سنة توفي بطرس بنفس المرض وتوفيت أمّه بسبب السّرطان. أما ماريانا، أخت جبران، فهي الوحيدة الّتي بقيت معه، واضطرّت للعمل في محل خياطة.

جوانب من شخصيّة جبران خليل جبران
كان جبران منذ الطفولة ميّالاً إلى الوحدة والتأمّل وأحلام اليقظة. وظَلَّ في مراهقته مُنْطَوياً على نفسه، بعيدًا عن الأقارب والجيران. وكان سريع البديهة، وشديد الرّغبة بالشّهرة ولو عن طريق الانتقاد! كما رافقته أحلام اليقظة من الطّفولة حتّى الرّجولة، فادّعى لمعارفه أنّه ينحدر من أسرة أرستقراطيّة غنيّة عريقة.
من أشهر مقولاته "ليست حقيقةُ الإنسان بما يُظْهِرهُ لك ، بل بِمَا لايستطيع أن يظهرَهُ .لذلك إذا أردْتَ أن تعرفه، فلا تُصْغِ إلى ما يقوله بل إلى ما لا يقوله"، ربّما يُلقي البعض عليه اللّوم لأنّه كان ينادي النّاس بعكس ما كان يفعل، لكن في حقيقة الامر، مقولته هذه تعبّر عن حال كلّ إنسان. فإذا ادّعى جبران عراقة أسرته رغم فقرها المُدْقِع، فجميعنا أيضًا نسعى جاهدين لإخفاء عيوبنا وتجميل أنفسنا أمام الآخرين! لكن على خلاف البشر جميعهم، كان "عيسى المسيح المُبارك" الّذي قبِل التّنازل عن عَظَمَةِ مجده وهو كلمة الله الأزليّ ليأتي إلى عالمنا فقيرًا متواضعًا ويعيش في كنف أسرة رقيقة الحال ويعمل نجّارًا! لم يطلب مجدًا أو مديحًا من إنسان، بل جاء ليحقّق مشيئة الآب السّماويّ. بذل حياته طوعًا ليحمل عقاب المعصية عن كلّ الّذين يؤمنون به، لذلك رَفّعَهُ الله أيضًا، وأعطاه اسمًا فوق كلّ إسم.