هذا المجتمع ..أرجو له الشفاء

مقال الأسبوع: المقال الخامس
الكاتبة: مرثا فرنسيس

هذا المجتمع ..أرجو له الشفاء

1- عدم إدراك الفرق بين الرُّجولة والذُّكورة، واختزال الرُّجولة من فكرٍ وذكاءٍ وتخطيط ٍوشهامةٍ وثقافةٍ واجتهادٍ وتطويرٍ للإمكانيات وعملٍ وقدرةٍ على اتِّخاذ القرارات إلى مجرَّد ذكورة، هو من أبشع الآفات في مجتمعنا. فبينما يعتبر الرجل المرأة شريكةً وصديقة؛ يقدِّر قيمتها ويهتمُّ بأفكارها ويعتبرها مكسبًا للتَّخطيط والعمل والتَّطور- ينظر إِليها الذَّكر كمجرد جسدٍ كلُّه عوْرة، ولا يتمكَّنُ من احترامها واحتوائها لأنَّه لا يدرك ما هو معنى الإنسانية فيتعاملَ معها بمبدإِ الامتلاك، ويمارسُ سلطةً مريضة وعِقَد نفسيَّةً معها ولا يتوانى عن ممارسة العنف معها وفي نفس الوقت ينظر إِليها من منطلق شهوةٍ حيوانيَّة، ويستبيح لنفسه التحرُّش بها لفظًا وفكرًا وفعلاً، مهما كان مظهرها وشكل ملابسها.. بل ويلقي عليها أسباب تحرُّشه الحيواني فهي دائمًا السَّبب والنَّتيجة لكلِّ سلوكيَّاته المريضة. الفرق بين الرَّجل والذَّكر كالفرق بين الإنسان والحيوان.
2-عندما يتميَّز شخص ما بسبب فوز أو نجاح أو اتِّخاذه موقفًا مشرِّفا أو قرارًا حكيمًا يسارع الكل في مدحه ويهتفون باسمه، بل يكادونَ يجعلونه معبودهم ويدافعون عنه بكلِّ حماس وقوَّة وجديَّة، ويا ويل هذا البطل إذا ارتكب خطأً ما مهما كان حجم هذا الخطأ بل حتى قبل التَّأكُّد من صحِّة خبر هذا الفشل أو الخطأ.. يكون الهجوم والذَّم والسَّبّ والشَّتم واللَّعنات بنفس القوة والحماس ويُمحَى تماماً ما سبق من نجاح أو فوز في لحظات، فتتداول جميع مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام ذبح سيرته بنفس الحماس السّابق.. عيبٌ مجتمعيٌّ رهيب.
3-يتحدَّث الرَّجل وأحيانًا كثيرة بعض السَّيِّدات عن المرأة التي تهمل مظهرها وملابسها في بيتها، وتنشغل أكثر من اللَّازم في أعمال المنزل وتربية الأطفال، فيطالبونها بأن تكون دائمًا في أبهى صورة وأجمل منظر ونظافة ورائحة، وتكثر تعليقات الزَّوج على وزنها الزَّائد وشعرها المعقود ووجهها الخالي من المساحيق؛ ويستغلّ بعض الذكور هذا الإهمال ويعتبرونه ذريعةً لهم للخيانة مع أخريات؛ لا يُتاحُ لهم رؤيتهنَّ إلا خارج حدود المنازل في أعلى مستوى للتزيّن والتّمثيل.. وأنا شخصيًّا مع اهتمام المرأة بنفسها ومظهرها وثقافتها داخل بيتها كما في خارجه ولكن سؤالي .. هل تهتم أنتَ أَيضًا أيُّها الرّجل (الذَّكر) بمظهرك داخل المنزل؟ هل تهتمُّ بأن تكون في صورة جميلة وطريقة تعامل رقيقة مع زوجتك كما تعامل زميلاتك بالعمل؟ هل تهتمُّ أَنتَ أَيْضًا بوزنك وبثقافتك وحوارك معها؟ أم أَنَّك تختزل نفسك وعلاقتك بهذا الإنسان "شريكة حياتك" إلى مجرد علاقة رجل وامرأة؟
4-في مجتمعنا المريض بالذُّكورة لا يُقيَّم نجاح المرأة في عملها بمعزلٍ عن حالتها الاجتماعية" إذ لابد أن تكون زوجةً ويا حبَّذا لو كانت أمًّا "وَيُفْلِتُ الرَّجل كالعادة من هذا التَّقييم مهما كان فشله ذريعًا في إدارة بيته ونجاحه في تنشئة أولاده" ومهما حقَّقت المرأة من نجاح فإنَّ هذا النَّجاح يُقيَّم بشكل يبخس حقَّها تمامًا إِذا كانت غير متزوجة، وكأنَّ النَّجاح الوحيد المعترف به لابدَّ أن يكون في ظلِّ رجل!!
إن لم يكن هناك أمل في اختفاء هذه الآفات المجتمعية الآن لأنَّ مَنْ سبقونا تجاهلوا أو تناسَوْا قانون الزَّرع والحصاد، فأصبحنا نحصد ما زرَعَهُ آخَرون، هل نتعلَّم نحن ونزرع ما نريد لأولادِنا أن يحصدُوه؛ هل نزرع فيهم الثِّقة بالنَّفس وقبول واحترام الآخر المختلف والإيمان بقدرات الإنسان الفائقة الَّتي وضعها الله في داخله، ونزرع فيهم الإيمان بمعنى الحريَّة لكلِّ إِنسان ومعنى الإنسانية نفسها لعلَّ وعسى أن يكون المستقبل أفضل.

محبتي للجميع
نقلاً عن: الحوار المتمدن-العدد: 4418 - 2014 / 4 / 8 - 23:25