بعضه حق...كما يظنون!!!

مرثا بشارة
الحوار المتمدن-العدد: 6073 - 2018 / 12 / 4 - 03:35
المحور: المجتمع المدني

بقلم/ مرثا بشارة

ما أقسى كلماتنا عندما تندفع في جنون غير محسوب وقت الغضب! لو راجع كلٌ منا نفسه لاكتشف مئات المواقف ستعتصره ندما على ما قال، وتمنى لو تعود به عقارب الساعة للوراء حتى ينعقد لسانه ويُسد فاه، لكن للأسف لا يمكن لعقارب الساعة ان تسير عكس الاتجاه، ولا يمكن للزمن ان يعود ولو لجزء من الثانية! وليس هناك مجال إلا لشعور الندم واللوم على ما قيل. فكم جرحنا أحباء؟ وكم ظلمنا أبرياء وألصقنا بهم التُهم؟ وكم هددنا وتوعدنا برد الصاع صاعين؟ ثم نكتشف بعد ان تهدأ عاصفة الغضب انه ببعض الكلمات حطمنا جسورا بدلا من ان نبنيها، وقطعنا اواصر الود مع مَن كانوا يوما اقرب الاقربين، فنعود في أسف شديد قائلين لم نكن لنقصد ما بدر منا سوى انه مجرد كلام صدر وقت انفعال وغضب، لكن تُرى هل حقا كان مجرد كلام لا يؤخذ عليه؟! لا أظن!!!

فإذا تفحصنا حال الانسان عند الغضب، لوجدنا انه لا يمكن ان يكون اكثر صراحة ومواجهة إلا في تلك الحالة التي تخرجه عن كل اعتبارات، فعند الغضب لا اعتبار لقرابة او صداقة او علاقة مهما كانت قوتها! ربما يكون مرجع ذلك تبجح البعض، لكنه في كثير من الاحيان بل في الاغلب تكون فرصة للبوح بكل ما في صدر الانسان ويخشى ان يواجه به الاخرين احتراما او نفاقا لهم او تغاضيا عن عيوبهم، والسؤال إذاً: هل كل ما نبوح به وقت الغضب هو الحق؟ بعضه حق ...كما يظنون!
نعم، فهو كل الحق كما يراه الانسان عند الغضب، لكنه بكل تأكيد ليس كل الحق عند الطرف الاخر! فما يصدر مني عند الغضب هو ما أخفيه من مشاعر مبررة او غير مبررة، وما احتفظ به من أفكار قد تكون صحيحة او خاطئة، والحقيقة المؤكدة انه لا مفر من اختبار الغضب وتأثيراته على علاقاتنا ببعضنا البعض مع ميلاد كل يوم جديد، فاذا كنا من الغاضبين فجل ما نرجوه من الاخرين هو عذرا وتفهما وتقبلا، واذا غضب الاخرين منا فليكن غضبهم فرصة لمراجعة انفسنا ومواقفنا ان كانت تعنينا العلاقة معهم!