النِّفاق الإجتماعي: مرض أم ظاهرة فتَّاكة ؟!

النِّفاق وما أَدْرَاكَ مَا النِّفاق .. هذه الكارثة الإجتماعيّة الّتي تعْصِف بمجتمعنا العربي هَبَطَتْ بِنَا إلى مستوى الدَّرْك الأسفل من الأمم والشُّعوب الحاضرة ، فنحن نعيش عَصْرَ انْحِطاطٍ هو الأسوأ في التّاريخ العَربي .
الأمراض الَّتي تَفْتِكُ بِنا تَحِدُّ من إمكانيَّاتِنا على الارتقاء بِمُجْتَمَعَاتِنا نحو درب التّقدُّم والنّهضة الثَّقافيّة والعِلميّة والاجتماعيّة والفكريّة ، وأَبْعَادُ هذا النّفاق وآثارُه علينا سَتُدَمِّر ما تَبَقّى من أخلاقيّاتٍ في هذا المجتمع .

بِتْنَا نَكْفُرُ بِالجَوْهَر ونُؤْمِنُ بِالمَظْهَر ، نُحارب الصِّدْقَ ونَرْتَبِطُ بِالْكَذِب .
الصِّدْقُ أصبح عُمْلَةً نادرة ، وكُلُّ مَن يتبع الصِّدْقَ في تعامله وعمله وأفكاره ومبادئه أصبح شَاذًّا عن القاعدة السّائدة ، ويُحَارَبُ مِنَ الجميع .
هناك نِفاقٌ في العلاقات ، في التّعامل ، في التّصرُّفات والمُمارسات والأخلاق ، نِفاقٌ إنْسَانِيّ حتّى في مشاعر الصّداقة والحُب ، وعلى أَرْضِ الواقع هُوَ كَذِبٌ في كَذِب ، والغايةُ صارت تُبرِّرُ الوسيلة .

أَصْبَحْنَا نبيع ما نَمْلِكُ من مشاعر مختلفة ، بِشَتَّى الألوان لِنَضْرِبَ بها عرض الحائط جميع القِيَم الإنسانيّة النّبيلة والرّفيعة ، كما أصبحنا نُجيد إنفاق السِّلَع الرَّديئة بِالولاء الكاذب والتَّهْنِئة المُزَيَّفة والقُبْح المُجَمَّل.

نجد النِّفَاق الاجتماعيّ الخطير بالمُجاملات المُزَيَّفة والقُبُلات المُصْطَنَعة ، والدِّعايات الكبيرة لِلتَّهاني أو التّرحيب أو الشُّكْر للشَّخصيّات البارزة الّتي تملك ثروة كبيرة ، وكذلك في مظاهر البَذْخِ في احتفالاتنا ومُنَاسباتِنا المختلفة الَّتِي تَعُجُّ بتكاليف ضخمة لِتَنْتَشِرَ بالمجتمع بين جُهَّالِهِم ومُثَقَّفِيهِم على حَدٍّ سَواء .
وما يثير الدَّهْشَةَ أنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ نِفاقًا يُصَلُّون في المساجد ويَقِفُون في الصُّفوف الأَمَامِيّة ، ويسافرون بِكَثْرَةٍ إلى الدِّيَار الحِجَازِيَّة لِلْعُمْرَة ، ونَجِدُ مُعاملاتِهِم تَخْتَلِفُ تمامًا عن ما تَمَّ تَأْدِيَتُهُ من عِباداتٍ في الأَقْصَى وَمَكّة .
...

بقلم : شاكر فريد حسن
المصدر: كنوز